أيّ سياسة خارجية لتونس بعد الانتخابات القادمة؟

ندوة  السبت 31 أوت 2019

 بالرّغم من شبه اجماع المتابعين للشأن السياسي على أهمية المؤثرات الخارجية في “مسار الانتقال الديمقراطي” بتونس، وحِدّة حالة “عدم الاستقرار” الإقليمي والدولي، التي تتم في سياقها الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة، فإنّ الملاحظ لا يكاد يتبيّن أية عناصر خطابيّة حول هذا الموضوع لدى المترشّحين للانتخابات الرئاسية بالخصوص.

 تتم الانتخابات الرئاسية التي تنتظم دورتها الأولى في 15 سبتمبر بصفة استثنائية قبل الانتخابات التشريعية، ممّا يعني لدى كثيرمن المحللين تأثيرا قويا ومباشرا على نتائج هذه الأخيرة، وبما يعني أيضا أن مَن سيمرُّ للدور الثاني من الرئاسيات ربما كانا المرشحان اللّذان يتمتعان بدعم حزبي قوي، ولاحقا بكتلة نيابية محترمة في البرلمان القادم. سيحظى رئيس الجمهورية القادم في الغالب بإسناد نيابي هام يكون مساعدا له على تحقيق توجهاته حسب الصلاحيّات التي يمنحها له الدستور سواء في موضوع الأمن القومي أو السياسة الخارجية.

في هذا السياق الخاص ينطلق المسعى لتنظيم ندوة حول “السياسة الخارجية لتونس بعد الانتخابات”، حيث رأى القائمون على مركز الدراسات الإستراتيجية حول المغرب العربي أن تكون موضوع ندوته الأولى، بعد انقطاع إجباري عن النشاط دام حوالي الأربع سنوات. 

سيستمع المشاركون في الندوة، من إعلاميين ومتابعين ونشطاء، إلى عدد من المترشحين يبسطون رؤاهم في الموضوع الدولي والإقليمي، ويتحدثون عن توجهاتهم الأساسية إزاء إشكالاته. فعندما نحدد هذه الإشكالات الكبرى التي يتوجب على تونس أن تتعامل معها بعد الانتخابات، فإننا نلاحظ وضعية “عدم الاستقرار” لا يمكن تجاهلها، وذلك بسبب تداعياتها المباشرة على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الدّاخلي لتونس، في فترة لا تزال حساسة  من مسار “الانتقال الديمقراطي”. 

فمن ناحية يحتل الوضع الليبي أهمية خاصة في هذا السياق، بسبب انعكاساته على جميع المستويات في تونس. كذلك الشأن بالنسبة للوضع في الجزائر، الجار الأقرب والأقوى والأكثر تأثيرا تقليديا. ومن ناحية أخرى، تجد تونس نفسها منذ سنوات وسط تأثيرات خليجية قوية يحركها محوران أساسيان، حيث جرت العادة أن تصنف الأطراف السياسية الرئيسية في تونس بعضها البعض بحسب تقاربها أو ابتعادها عن ذينك المحورين. 

أما سياق ما سُمّي “بصفقة القرن” الذي كلّله مؤتمر البحرين، فإنه يضع لا محالة تحديات أخرى نجحت البلاد إلى حد الآن في النأي بنفسها عنها، ولكن تأثيرات هذا السياق قد تزداد حدّة وخطورة مع وضوح هذا المشروع وامكانيات تنفيذه. وممّا يزيد مشاكل الوضع الإقليمي والدولي تأثيرا وحِدّة على الوضع التونسي، الأزمة الاقتصادية والمالية التي تغرق فيها البلاد يوما بعد يوم. ومن التداعيات المباشرة لذلك السعي الدّائم لتمويل الباب الأول من الميزانية عبر الاقتراض وضعف تمويل الباب الثاني اذ نجد انّ الاستثمار الحكومي يكاد يكون منعدما وان وجد فبلا  تأثير ملموس. وتكمن نقطة الضعف القاتلة في أنّ هذا التمويل أصبح مرتبطا لدى المانحين بالمواقف السياسية الخارجية للدولة التونسية تجاه أية أزمة أو توتّر إقليمي أو دولي.

في السياق نفسه، تجد تونس نفسها متأثرة بالوضع الاقتصادي والمالي المتأزم في بلدان الضفة الشمالية للمتوسط بحكم الارتباط الشديد لمبادلاتها بالسوق الأوروبية. منذ عشرات السنين، كان للتأثيرات الأوروبية الكلمة الفصل في التغييرات الكبرى التي شهدتها البلاد، حيث يسود الاعتقاد بالنفوذ الواسع للسفارات الأوروبية في تونس، وهو نفوذ يجد باستمرار الفرصة للترسخ كلما تعثر “مسار الانتقال الديمقراطي” واشتدّت الأزمة المالية. بالموازاة مع ذلك لم يتوقف مسار دمج سياسات البلاد بالتصور الأوروبي للعلاقات بين ضفتي البحر المتوسط، مثلما اتّضح بمناسبة مناقشة مشروع اتفاقية الأليكا التي استحوذت إلى حدٍّ بعيد على اهتمام الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، وأُجّل الحسم فيها إلى ما بعد الانتخابات.

يأمل مركز الدراسات الإستراتيجية حول المغرب العربي من خلال هذه الندوة في فتح النقاش حول موضوع السياسة الخارجية التونسية والمساهمة في إعطاء مضمون جدّي للحوارات التي ستتم بمناسبة الانتخابات بين مختلف المتابعين لها والمترشحين إليها، وجعل مسألة التوجّهات في السياسة الخارجية، جزءا من مجهود تصحيح الجدل القائم حول “برامج المترشحين” بما يتماشى أكثر مع الصلاحيّات الممنوحة لرئيس الجمهورية بمقتضى الدستور.

صور الندوة

التغطية الإعلامية

فيديوهات الندوة